التعليم عن بعد في حلقات - الحلقة 3 - أهداف التعليم عن بعد
لكل عمل هدف أو أهداف، والتعليم عن بعد، الذي أصبح ضروريا في كل الظروف والأحوال، وبدأ يفرض نفسه على كل العالم حاليا ومستقبلا، لا يخرج ولا يجب أن يخرج عن هذه القاعدة. فسياق العالم حاليا ومستقبلا، يستوجب اعتماد كل الآليات والوسائل القمينة بتطوير وتأهيل وتوعية وتنوير بني البشر. وما اجتهاد العلماء ومهندسي الإعلاميات ووسائل التواصل بمختلف أنواعها وأنماطها إلا لتحقيق أهداف، على رأسها تيسير حياة الناس والدفع بهم إلى مزيد من الرقي والوعي، ومن العدالة وتكافؤ الفرص.
انطلاقا مما سبق، نجد أن هناك العديد من الأهداف التي يحققها هذا النوع من التعليم، بل ويسعى إلى تحقيقها. وهذا هو موضوع هذه الحلقة الثالثة من هذه السلسلة من المقالات التي ارتأيت الخوض فيه في هذه الفترة بالذات وبسبب الحيثيات التي جاء ذكرها في الحلقة الأولى بمناسبة التقديم الذي افتتحت به هذه السلسلة.
على هذا الأساس، كثيرة هي الأهداف التي يتغيى التعليم عن بعد تحقيقها وتجسيدها لدى كل من يتعلم (بالمناسبة: كلنا نتعلم ويجب أن نتعلم)، نستطيع الوقوف عند بعضها على الشكل التالي:
1 – يتيح فرص عديدة أمام المتعلمين والطلبة في الدراسة في الأوقات والأماكن التي يرغبون فيها، كما يتيح لهم العمل في نفس الوقت وفي مجموعات يشكلونها هم بعد تحديد مواعيد العمل.
2 – يساعد على ترسيخ وتجسيد مفهوم التعلم الذاتي، هذا الأخير الذي أصبح يعتبر من ركائز التعلم مدى الحياة.
3 – تحقيق مفهوم جديد للتربية والتعليم يتلاءم مع الانفجار المعرفي والثورة التكنلوجية التي تميز عصرنا.
4 – ضمان مسايرة المستجدات والتطورات العلمية والمعرفية والتقنية بكيفية مستمرة ودائمة.
5 – تقوية فرص التعليم والتعلم لكل الأجناس والأعمار، وتجسيد حرية الاختيار للمتعلمين وتنويع أنماط التعلم في احترام تام لأساليب وإيقاعات كل متعلم حسب ذكاءاته وميولاته ورغباته واهتماماته.
6 – توفير التعليم الأكثر يسرا لكل الفئات: الكبار والصغار، المتعلمين غير المتعلمين، وذوي الاحتياجات الخاصة وهم فئات متعددة.
7 – المساهمة الكبيرة في محاربة الأمية والقضاء عليها عند توفر الإرادة الفردية والجماعية.
8 – إتاحة الفرص للذين يرغبون في تغيير مهنهم أو تطوير كفاءاتهم المهنية.
9 – تمكين كل شرائح المجتمعات من الاستفادة من هذا الانفجار المعرفي الذي تتيحه هذه الوسائل التكنلوجية والعتاد الإلكتروني المنتشر على نطاق واسع جدا.
10 – إتاحة الفرصة لمن فاتتهم فرص التعليم في كافة مراحل التعليم لأسباب اجتماعية أو اقتصادية أو حتى سياسية.
11 – فتح المجال أمام التخصصات المستحدثة والمستجدة والتي تفرض نفسها في هذا العالم المتحرك باستمرار.
12 – إتاحة الفرص للتعلم أمام النساء وربات البيوت والعمال والحرفيين بما يناسب إمكانياتهم وأوقات فراغهم.
13 – تطوير المقررات الدراسية ووسائل وطرق التعليم والتعلم باستثمار العتاد التكنلوجي والوسائط التربوية المتعددة والمتنوعة.
14 – توفير المناهج التعليمية التي تلبي متطلبات سوق العمل والتنمية لكل الشرائح الاجتماعية حسب الطلب.
15 – التعليم عن بعد، يساعد على توفير الجهد والمال للمتعلمين الملتحقين به.
16 – يقلص وبصورة كبيرة من التكلفة الاقتصادية التي تذهب وتستثمر في الخدمات التعليمية (البنايات والتجهيزات وباقي الموارد المادية والمالية ).
17 –يقلل من الحاجة إلى أعداد كبيرة من المدرسين، خاصة في بعض المجالات التي يوجد فيها قلة من الأطر الكفأة.
إنها بعض من أهداف التعليم عن بعد، ويبدو أن منها ما سيتفق عليها الجميع، ومنها ما سيستغرب منها البعض، وبهذا الصدد يجدر الذكر أن كل تغيير أو تجديد لابد من أن ترافقه إيجابيات وسلبيات، محاسن ومساوئ، مقاومات وترحيب. فما دام هذا النوع من الأنشطة التربوية في تطور وانتشار فإنه مفيد ويعد قيمة مضافة ووسيلة تساعد كل منخرط فيه، وما تنامي وعي الكثيرين ومستواهم الثقافي والتقني وكفاياتهم حتى في المجالات التي لم يتلقوا فيها أي تكوين رسمي أو تقليدي، إلا دليل ساطع على أهميته وضرورته تحقيقا لمفهوم التربية والتعليم للجميع ومدى الحياة.
لا نريد مزيدا من التأخر في هذا المجال، ولا نرغب في مزيد من التماطل ومزيد من الرفض والمقاومة السلبية، فيوما ما سندرك مدى تأخرنا الكبير ومدى الفجوة الرقمية التي تفصلنا مع المجتمعات التي اهتمت بذلك، وإذ ذاك لا سبيل إلى الندم أو الحسرة حيث لا ينفع ذلك بالمرة. لنتسلح بفكر إيجابي في هذا المجال، ولنعمل على دعم وتشجيع الإقبال على التعامل مع هذه التقنيات والوسائل التكنلوجية التي لا مفر منها، إذ هي المساعدة والميسرة لجميع الصعوبات والإكراهات التي تقف حجرة عثرة أمام انتشار التربية والتعليم والتكوين وتطوير المهارات وصقل المواهب وتيسير الحياة وتعميم التعليم ومحاربة الأمية وتجويد الخدمات ومخرجات أي مجال بشري قائم أو في طور القيام.
بقلم: ذ. محمد صادقي