التعليم عن بعد في حلقات - الحلقة الأخيرة - بعض الوسائل الإجرائية المستعملة
من المؤشرات الدالة لعصر ما بعد ''كورونا'' انتشار استثمار التعليم عن بعد واتساع رقعته الجغرافية عبر ربوع الكرة الأرضية، وهي مزية من مزايا هذا الحدث التاريخي بامتياز، والذي نرجو جميعا مروره بأقل الخسائر. سيصبح ضرورة بعد أن كان هامشيا لدى كثير من دول العالم، وسينتقل من كونه ترفا وموضة إلى مساعدا كبيرا ومساهما أساسيا في نشر العلم والمعرفة والتعلم الذاتي وأحد مصادر التثقيف والتكوين وتطوير الذات والمجتمع.
ستكون هناك عدة محاولات من قبل دول العالم لتجاوز الإكراهات والتحديات التي يشكو منها التعليم عن بعد من قبل، وسيتم دعم الجانب التقني والتكنولوجي في أغلب المجتمعات وستكون هناك استراتيجيات وسياسات أخرى تروم تحسين البنية التحتية في هذا المجال، الشيء الذي سيرفع من منسوب انتشار المعرفة بين الناس وارتفاع مستويات التكوين في العديد من القطاعات. إنها بعض الخطوط العريضة لعالم ما بعد كورونا، هذا العالم الذي نريده متشبعا بثقافة وسياسة الاستثمار في الموارد البشرية لتفادي الأخطاء الاستراتيجية التي سقطت فيها العديد من الدول والمجتمعات.
التعليم عن بعد، سيكون وسيلة ذات شأن في عمليات التعليم والتعلم والتكوين والتنشئة مستقبلا، وسيكون من أهم الوسائل التي ستعتمد في تطوير العملية التعليمية في جميع المستويات الدراسية والتكوينية في جميع بقاع العالم. وستتعرف الشعوب جميعها على مختلف الوسائل والتقنيات والطرق الميسرة والعملية، على غرار الكثير من الدول المتقدمة في هذا المجال، هذه الأخيرة التي برعت في ذلك منذ زمان واستفادت منه واستثمرته أحسن استثمار.
استئنافا لحلقات هذا الموضوع، سيتم التركيز في هذه الحلقة على ذكر بعض الوسائل والتقنيات وكذا بعض المواقع والمنصات/المسطحات الإلكترونية المعتمدة في هذا المجال على سبيل الأمثلة فقد وليس حصرا، لكون هذه الوسائل والمنصات والمواقع الإلكترونية الخاصة بذلك تعد بالآلاف إن لم نقل بالملايين، فعالم الانترنيت لا حدود له كالمحيط. هذه الوسائل، وكما جاء ذكره في حلقات سابقة، منها ما هي معروفة منذ أمد بعيد كالتراسل عبر البريد العادي أو استثمار الراديو أو الأشرطة السمعية أو السمعية/البصرية أو التلفزة، علاوة على مختلف الأقراص الصلبة والحاسوب، الحديثة نسبيا، ومنها كذلك ما هي حديثة أكثر وهي بالمناسبة في تطور حثيث وسريع بكيفية يصعب تتبع وتيرتها وسرعتها. إنها الوسائل والتقنيات التي تعتمد أساسا على شبكة الأنترنيت، هذه الأخيرة هي التي فتحت المجال أمام هذه التطورات الهائلة وهذه السرعة المذهلة وهذه المخترعات غير المتناهية.
هكذا، وانطلاقا مما سبق، يمكن القول إن بعض الوسائل والتقنيات التي توفرها شبكة الأنترنيت في مجال التعليم عن بعد والتي يمكن استثمارها واستعمالها لتيسير العمليات التعليمية والتثقيفية والتكوينية هي على الشكل التالي:
= إنتاج محتويات تعليمية إليكترونية وموارد رقمية مختلفة الأحجام والأشكال ( دروس مكتوبة، فيديوهات ، تمارين وتطبيقات، محتويات ومضامين، موسوعات ومعاجم، دروس مسموعة ومرئية ومكتوبة)، وتقاسم كل هذه المنتوجات على أعداد غير متناهية من الناس وفي وقت قياسي، وعن بعد كذلك ...
✔ إنشاء مواقع إلكترونية عامة أو متخصصة تتضمن محتويات كثيرة وجاهزة وفي متناول كل من يلج إلى هذه المواقع، وهي بالملايين أيضا، علما أن هناك مواقع مجانية يسمح لكل مرتبط بالشبكة الاستفادة من محتويتها، ومنها التي تحتاج إلى التسجيل فيها للاستفادة ومنها المؤداة عنها بالنسبة للراغبين من الاستفادة من خدماتها.
✔ إنشاء وابتكار تطبيقات تعليمية إليكترونية، ما على الراغبين من الاستفادة منها إلا تحميلها وتسطيبها على الحاسوب أو اللوحة الإلكترونية أو الهاتف الذكي الشخصي، وهي أيضا فيها التطبيقات المجانية ومنها التي يجب الأداء من أجل استثمارها والاستفادة من محتوياتها.
✔ المنصات والمسطحات الإلكترونية، أو ما يسمى بفضاءات الاشتغال، وهي بالفعل فضاءات افتراضية مخصصة لعقد لقاءات متزامنة، أي في نفس الوقت، بين مجموعات من الأفراد قصد التواصل المباشر بالصوت أو بالصوت والصورة أو حتى بالدردشة مع إمكانية تقاسم الوثائق المتوفرة والمعدة سلفا بين أفراد المجموعة أو وضع مثل هذه الوثائق بالمنصة للرجوع إليها في أي وقت من طرف أي فرد من المجموعة، وجدير بالذكر أيضا أن هناك منصات مجانية ومنصات غير مجانية وهي كذلك كثيرة ومتعددة.
✔ ظاهرة ما يسمى بمواقع التواصل الاجتماعي والتي بدأت تكثر بدورها، حيث يمكن للمسجلين عليها الاستفادة مما يتقاسمه وينشره الآخرون، كما يمكن عبر إنشاء مجموعات مفتوحة أو مغلقة للتداول وتقاسم التجارب والاهتمامات ولم لا الكتب والمجلات والفيديوهات ومختلف الوثائق المختلفة الأخرى.
وفيما يلي بعض عناوين وأسماء بعض المواقع والمنصات الإليكترونية المعتمدة في التعليم عن بعد بواسطة شبكة الأنترنيت، وكملاحظة فقط، تجدر الإشارة إلى أن سيتم ذكره هنا لا يعد أن يكون إلا أمثلة فقط منتقاة بكيفية عشوائية:
✎ Moodle - OLAT - MyUdutu - Pixton - Atutor.
✎ microsoft teams - microsoft stream - microsoft forms.
✎ Sakai Learning - OpenCréa - Claroline.
✎ Open lms e-learning - classgap - eXeLearning.
✎ Cacoo - dokeos - LessonWriter - CourseLab.
✎ DoceboLMS - skyprep - netquiz pro - App Inventor.
✎ smartbuilder - Classroom - Zoom - Elucidat.
✎ Powtoon - Mooxi - Whatsapp - Facebook....
كانت هذه الأسماء لمسطحات ومنصات أو مواقع أو تطبيقات تستعمل وتستثمر في عمليات التعليم المختلفة، وقد تم ذكرها على سبيل المثال لكونها كثيرة ومتعددة ومختلفة حتى في الوظائف والإمكانيات والخدمات التي تتيحها للاستفادة منها، وتجريب بعضها سيؤكد ذلك. إن مثل هذه المواقع والمنصات والتطبيقات هي التي لعبت ولا زالت تلعب أدوارا كبيرة في تحقيق عمليات التواصل بين مختلف الأجناس البشرية وهي التي ساهمت في تنمية وتطوير معارف الناس ومؤهلاتهم وكذا توسيع مداركهم وتقليص المسافات بينهم وضرب بعدي الزمان والمكان في عدد صغير جدا يقترب من الصفر. وإنها إحدى الوسائل التي أدت إلى تحقيق تعلمات وتكوينات وكفايات لدى ملايين من الناس بغض النظر عن بعد المسافة بينهم وإنها أخيرا من الوسائل التي جعلت العالم أصغر حتى أصبح قرية صغيرة في العقود الأخيرة.
كلمة قبل الختام أود الإشارة إليها، وهي من عنصرين اثنين هما: أولا دعوة حكومات ومسؤولي الدول المتأخرة في هذا المجال إلى تدارك النقص في هذا المجال لاعتبارات عدة منها أن هذه التقنيات آتية لاريب فيه وإنها وسائل تساهم بقوة في الاستثمار في العنصر البشري الذي هو أساس كل تقدم وتطور ورقي، وثانيا هي دعوة لتلك الموارد البشرية إلى ضرورة اعتماد، وفي إطار المساعدة، ما يسمى بالتكوين الذاتي في هذا المجال الجديد والواعد والحامل لسمات العصر الذي نحياه ونعيش فيه ، وليكن ذلك بشكل فردي أو بشكل جماعي عبر مختلف هذه الوسائل نفسها أو في إطار جمعيات المجتمع المدني ...
بقلم: ذ.محمد صادقي