التعليم عن بعد في حلقات - تقديم -
لأن المغرب -وبسبب الحجر الصحي المفروض على الجميع، أباء ومتعلمين وأساتذة وجميع الفاعلين في قطاع التربية الوطنية والتعليم والتكوين والتعليم العالي- دخل في تجربة جديدة في مجال التعليم والمتمثلة في مفهوم ''التعليم عن بعد''.
هذا الدخول، فرضه الوضع الجديد القائم حاليا، اتسم بالتسرع والسرعة: بالتسرع، لأنه لم يكن ضمن المشاريع ذات الأولوية القصوى بالرغم من كونه مشروعا انطلق العمل فيه قبل أكثر من عشر سنوات خلت، لكن ببطء شديد وبتردد غير مفهوم كذلك، وبالسرعة، لأن الكثير من الفاعلين التربويين، وخصوصا القائمين على القطاع أساسا (الأساتذة والإداريين والمفتشين)، استجابوا لنداء الوزارة والمسؤولين قصد ضمان الاستمرارية البيداغوجية وعدم قطع الصلة بالتعليم والمقررات والبرنامج الدراسي من طرف الجميع.
ولأن مفهوم ''التعليم عن بعد''، هذا المفهوم القديم/الجديد، أصبح من ضرورات ومستلزمات العصر وفرض نفسه بحدة غير مسبوقة، لدى الدول والمجتمعات المتخلفة والفقيرة والضعيفة خصوصا، أما الدول القوية فكان عندها، ومنذ عقود من الزمن، مسايرا بقوة للتطور التكنلوجي ولنماذجها ومنظوماتها التربوية والتعليمية، إذ قطعت فيه وبه أشواطا جد متقدمة في التقدم الحضاري، وألغت به الزمان والمكان وأبعادا أخرى تكون عوائق وإكراهات تعليمية وتربوية وتكوينية وتطويرية فيما سبق.
ولأن من مزايا جائحة ''كورونا'' أنها قد سرعت، وبدون سابق إنذار، من اعتماد التعليم عن بعد في بلدنا، الشيء الذي تفاعل معه الكثير من المعنيين بالرغم من كثرة معيقات وإكراهات التنزيل الجيد والسليم والسلس بغية تحقيق العديد من الأهداف التي من شأنها أن تؤدي إلى عدم ضياع الموسم الدراسي لملايين التلاميذ بمختلف مناطق المغرب وفي مختلف أسلاكهم ومستوياتهم، تلك الإكراهات المتعددة المتمثلة أساسا في عدم توفير العتاد الالكتروني للأساتذة وللتلاميذ بالدرجة الأولى وكذا انعدام التكوينات اللازمة لكل هؤلاء، التي تمكنهم من استثمار التعليم عن بعد بكيفية جيدة ومثمرة، ناهيك عن انعدام صبيب الأنترنيت وجهل نسبة كبيرة من أباء وأولياء التلاميذ الجدوى من هذه العملية بالرغم من بذل الكثير من الأساتذة مجهودات جبارة في إنتاج الموارد الرقمية وتقاسمها عبر عدة وسائل على رأسها منصة ''ميكروسوفت تيمز'' وموقع ''تلميذ.تيس''، على موقع الوزارة مع ما لوحظ من عدم تمكن أغلب التلاميذ من الوصول إليها للأسباب السالفة الذكر، لتبقى بعض القنوات التلفزية الوطنية، لمن يتوفرون على الجهاز والكهرباء، من أهم الوسائط الحديثة التي تحاول سد الفراغ مع ما يتطلبه ذلك من ضرورة تدخل الأسرة في مراقبة وتتبع مسايرة أبنائهم لها ولو لساعات قليلة في اليوم.
لهذه الحيثيات كلها، تبادرت إلى ذهني فكرة مفادها محاولة إلقاء بعض الأضواء على مفهوم ''التعليم عن بعد'' وتناول بعض قضاياه، وذلك بهدف استغلال فترة الحجر الصحي في مناقشة ومناولة ما يفيد، وخصوصا إذا كان من المستجدات ومن صميم العمل والمهام ...
سأتناول الموضوع تباعا، في حلقات متتالية. في كل حلقة سيتم التطرق إلى نقطة من النقط ذات العلاقة بالموضوع...
بقلم: ذ. محمد صادقي.